الأحد، 15 فبراير 2015

بداية صحية جديدة لطفلك


 كآباء وأمهات، نحن ننقل لأطفالنا أكثر من مجرد جيناتنا الوراثية، فهم أيضا يكتسبون عاداتنا - الجيدة والسيئة - فنحن بالنسبة لهم القدوة التي يحاولون تقليدها في كل شيء. فإذا أردنا تعليم أطفالنا العادات الصحية السليمة علينا أولا أن نقوم بتطبيقها بأنفسنا، ونكون مثلا أعلى بأفعالنا وليس بأقوالنا فقط، ولنتذكر دائما المقولة الرائعة:

"الأطفال لا يتذكرون ما تحاول أن تعلمهم ولكنهم سيتذكرونك دائما كما أنت."

وبالرغم من أن مفاهيم التغذية والأكل الصحي قد لا تكون سهلة الفهم للأطفال وخصوصا إذا لم يكن الأهل ممن يهتمون بالصحة ويطبقون تلك المفاهيم في حياتهم اليومية، إلا أن ذلك لا يعني بأنه لا يمكن البدء بإحداث تغيير في ذلك الجانب مهما كان عمر الطفل، فليس هناك ما يسمى بفوات الأوان عندما تريد فعل الشيء الصحيح.
خطوات لبداية صحية:





                                                
إن التغذية السليمة للأطفال هي عنصر أساسي في تكوين الصحة، فالغذاء الصحي المتوازن يبني جسما معافى وينمي عقلا سليما ويقي من الأمراض المتعلقة بسوء التغذية مثل السمنة، فقر الدم الناتج عن نقص الحديد، تسوس الأسنان وغيرها. ولعل من أكبر التحديات التي تقف عائقا في تحقيق التغذيه السليمه للأطفال هي العادات السيئة مثل (إهمال وجبة الإفطار، تناول أطعمة غير صحية بين الوجبات مما يؤثر على قدرة الطفل على تناول وجبته الأساسية، عدم رغبة الطفل في تناول الأطعمه الصحية وتفضيله للأطعمه عالية السعرات الحرارية والمنخفضة في قيمتها الغذائية مثل البطاطا المقلية، والحلويات ورقائق البطاطس أو التشيبس  والشوكولاته) وذلك ناتج إما عن انعدام الوعي لدى الأهل بالدرجة الأولى بخطورة هذه العادات وتأثيرها على صحة الطفل في المستقبل أو لتأثر الطفل بالبيئة المحيطة به فتراه يرغب بتناول ما يراه على شاشة التلفاز أو ما يتناوله أصدقاءه في المدرسة.

من الجدير بالذكر أنه كلما كان تعليم الأطفال فوائد التغذية السليمة والتفريق بين الطعام الصحي والغير صحي وكيف يؤثر كلاهما على أجسامهم في سن مبكرة كان ذلك أفضل وسيسهل المهمة على الأهل عندما يكبر الطفل، ويخفف من حدة الصراع مع الأطفال الذي يعاني منه الكثير من الأهل في أوقات تناول الوجبات.
ولأن الأهل يرغبون دائما بتقديم الأفضل لأطفالهم ويبذلون ما بوسعهم لتوفير حياة صحية وخالية من الأمراض لهم، إلا أنهم يفتقرون أحيانا إلى المعرفة اللازمة لتحقيق ذلك، مقالة اليوم هي محاولة لمساعدة الأهالي على إعطاء أطفالهم بداية جديدة ليكونوا أكثر صحة وسعادة.


- التوافق
إن التحدث مع شريكك والإتفاق على الأسباب التي تجعلكم ترغبون بإدخال تغييرات على نظام حياتكم قبل بذلك هو ضروري جدا وإلا فإن كل موعد وجبة سيشكل مشكله أمام الطفل والزوجين لأن كل منهما لديه رأي مخالف للآخر وبدلا من مساعده الطفل فإن ذلك سيحدث نوعا  من الإرتباك لدى الطفل فيما يتعلق بالغذاء.
يلي ذلك مشاركة القرارات مع الأهل والأصدقاء المقربين ليتفهم من حولك ما تقوم بعمله وبإمكانك إعطائهم مقترحات للأطعمة التي تفضل أن يتناولها أطفالك عند دعوتك إلى العشاء مثلا وستجد بالتأكيد من يعينك على تحقيق أهدافك، وتجنب المواقف المربكة بأن يقوم أحدهم بتقديم أطعمة غير صحية لا ترغب بأن يتناولها طفلك. أنت بالطبع لن تستطيع أن تجبر الجميع على مساندتك، فالبعض سيعارض آرائك أو يبدو غير مقتنع بها ولكن ذلك لا يعني أن تصاب بالهستيريا لمجرد أن قدم أحد لطفلك البسكويت أو قطعة شوكولاته فهذه بالنهاية ليست نهاية الكون. 

- التغيير المنطقي
غالبا ما يقابل التغيير بمقاومة في البداية خصوصا إذا لم يتم الإعداد له بشكل صحيح وبصورة تدريجية، لتضمن نجاحك لا تفرض على طفلك عادات مستحيلة فيما يتعلق بالأكل، كأن تغير نظامه في يوم وليلة وتمنعه عن أطعمة تعود على تناولها من وقت لآخر وإن لم يكن بانتظام، وقم بإدخال التغييرات ببطء ولكن ركز على الإستمرارية، كن منطقيا فيما تحاول أن تقنع به طفلك وتذكر بأن العادات السليمة يتم بناؤها على فترات زمنية طويلة لأن الهدف منها هو أن تؤثر في الطفل على المدى الطويل وليس بشكل مؤقت.
إن غرس عادات صحية سيؤثر بدوره على تلك الغير صحية منها بشكل غير مباشر، وأحيانا دون الحاجة إلى العمل على تغييرها، فعندما يبدأ الطفل بتبني نظام حياه صحي سيصبح وبشكل تدريجي يبتعد عن ما هو غير صحي وتقل لديه الرغبة في تناوله. وذلك سيعلم طفلك أن يركز دائما على ما يريده وليس ما لا يريده. 

- التعليم بالقدوة
إن ما تقوم بتقديمه لطفلك على مائدة الطعام ليس هو الأهم، بل ما تتناوله أنت. فالأطفال سينظرون لك ويحاولون تقليدك في ما تحب تناوله، لذلك عليك أن تقوم بتغيير نفسك أولا قبل أن تبدأ في تعليم طفلك مبادئ التغذية السليمة، فمن غير المنطقي أن تحدث طفلك عن أضرار الوجبات السريعة على الصحة ليراك بعد بضعة أيام تتناولها أمامه، فهذا سيحدث تناقضا بالنسبة له بينما تحاول أن تعلمه وبين ما تقوم به، من الضروري أن توافق أفعالك أقوالك لتنعم وعائلتك بالصحة والعافية، ولكي تنجح في تعليم أطفالك بأن يحبوا أنفسهم ويعتنوا بأجسامهم وصحتهم عليك أنت أن تتعلم كيف تحب نفسك أولا، ومما لا شك فيه أن تناول الأغذية الصحية والمغذية وممارسة النشاط البدني هي أحد أهم صور حب واحترام الذات وصيانة نعمة الصحة وتقديرها.

- الإستكشاف
في بعض الأحيان ليست الأطعمة الصحية بحد ذاتها هو ما لا يتقبه الطفل، من الممكن أن لا يعجبه اللون أو الشكل أو حتى قوام الطعام، ولتشجيع طفلك على تجربة أطعمة ونكهات جديدة عليك أن تكتشف طرقا مبتكرة لتقديمها بصورة جذابة لطفلك، فإن لم تعجبه طازجه قم بطهيها أو هرسها أو عصرها أو حتى إضافتها لمكونات وصفة أخرى يحبها الطفل وبالتدريج سيعتاد مذاقها ويحبها. كما أن التنوع في تقديم الأطعمة وتزيينها يبعد الملل عن الطفل ويمحي تلك الصورة النمطية في أذهان الكثيرين عن أن الأكل الصحي ليس ممتعا مثل بقية الأطعمة، على الأهل أن يؤمنوا بذلك أولا وسيرون أن أطفالهم سيتبعون خطاهم.

- اجعل الأطعمة الصحية متوفرة
عندما يرى أطفالك أطفالا آخرين يتناولون الحلوى أو المثلجات فإنهم يريدون تناولها أيضا، وللتعامل مع مثل هذه المواقف أحضر معك دائما وجبة صحية خفيفة عندما تكون خارج المنزل، وحين يرغب طفلك في تناول الطعام بإمكانك أن تعرض عليه خيارات من الفاكهه أو شطيرة قمت بتحضيرها في المنزل أو نوع من الرقائق أو البسكويت الصحي بدلا مما يتناوله الأطفال الآخرون من حوله.
ويجب أن لا ننسى أن توفر الأطعمة الصحية في المنزل وعدم شراء تلك التي تفتقر إلى القيمة الغذائية هو بحد ذاته عامل مساعد على تحسين خيارات الطفل الغذائية فهو عندما يرى رقائق البطاطا أو المشروبات الغازية متوفرة دائما في المنزل سيرغب بتناولها وسيصر عليها ومن غير المنطقي في ذلك الموقف أن تجيبه ببساطة بأنه طعام غير صحي، فإذا كان الأمر كذلك لماذا قمت بشرائه؟ كيف يكون صحيا لك وغير صحي لطفلك؟

- كن إيجابيا ومرنا
بالرغم من أن الحزم ضروري في الكثير من المواقف عند التعامل مع الأطفال إلا أن المرونة أيضا قد تعطيك نتائج مماثلة، في النهاية أنت ترغب في أن يتناول طفلك طعاما صحيا، فليس بالضرورة أن تفرض عليه نوعا معينا ليتناوله بصورة معينة على مائدة الطعام، فغرضك الأسمى هو أن يحب ما يتناوله ويرغب فيه ويقبل عليه في المستقبل، لذلك لا تضع شروطا كثيرة وقيودا في وقت الطعام، دع طفلك يستكشف ويتذوق ويستمتع بوجبته حتى وإذا كان ذلك يعني أن يحدق بعض الفوضى فهو مع الوقت سيتعلم آداب المائدة ويكون أكثر انتباها ولكن في البداية أعطه بعض الحرية ليتصرف كما يحلو له، وكن إيجابيا دائما في ما تقوله لطفلك، فأن تبدي اشتمئزازك أو امتعاضك لتصرف معين قد يشكل رد فعل سلبي لدى الطفل تجاه هذا النوع من الطعام، من المهم أيضا أ تنتبه لما تقوله أمام طفلك عندما تصف تجربتك لنوع جديد من الطعام مثل أن تصف خضار أو فاكهه بأنها مقززة أمام طفلك ثم تطلب منه أن يقوم بتجربتها لاحقا فتأكد من أن طلبك سيقابل بإضراب عن الطعام.

- إقرأ أكثر
ليس كافيا أن تقوم بقراءة كتب التغذية والطعام الصحي لطفلك فقط ولكن قم باختباره أثناء القراءة كأن تطلب منه أن يخبرك بفوائد البروكولي أو لماذا من الضروري أن نتناوله؟ حاول أن تقوم بعمل ألعاب عن الأكل الصحي مثل أن تدرج في كل يوم نوعا من الأطعمة الصحية على قائمة الطعام الذي يحتوي على فائدة معينه وتطلب من طفلك أن يخمن ما هو. إذا كان طفلك عنيدا أو صعب الإرضاء دائما قدم له عدة بدائل صحية ليختار منها واجعله يقرر أي كتاب يريد أن يقرأ وعندما تجد ما يجلب انتباهه من الأطعمة الصحية أثناء القراءة ركز على تقديمها له في وجبته فهو سيربط المعلومات التي قرأها بما يراه على مائدة الطعام وما يتناوله وسترسخ في ذهنه هذه التعاليم الصحية يوما بعد يوم. 

مع تمنياتي لكم بدوام الصحة والعافية
ندى عمار


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق